شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
باب ظلم دون ظلم
باب: ظلم دون ظلم. حدثنا أبو الوليد اسم> حدثنا شعبة اسم> ح. قال: وحدثني بشر اسم> قال: حدثنا محمد اسم> عن شعبة اسم> عن سليمان اسم> عن إبراهيم اسم> عن علقمة اسم> عن عبد الله اسم> لما نزلت رسم> الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ قرآن> رسم> قال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أينا لم يظلم نفسه؟ فأنزل الله: رسم> إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ قرآن> رسم> .
الظلم: وضع الشيء في غير موضعه اللائق به. وهو من خصال الكفر من خصال الكفار؛ بمعنى: أن الظالم هو الذي يتعدى على غيره، سمى الله تعالى الكفر ظلما في قوله: رسم> وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> لأنهم وضعوا الإيمان في غير موضعه، لم يؤمنوا الإيمان الواجب فصار الكفر ظلما.
وكذلك أيضا سمى الله الشرك ظلما في قوله تعالى: رسم> إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ قرآن> رسم> فدل على أنه من أظلم الظلم؛ لأنه وضع للعبادة في غير موضعها؛ حيث وضع ذلك الشريك في موضع الخالق وجعل له شركا في العبادة.
وأما ظلم النفس فإنه أقل من الشرك، الإنسان يكون ظالما لنفسه ولا يخرجه ذلك عن الإيمان، في الحديث أن أبا بكر اسم> -رضي الله عنه- قال: علمني يا رسول الله دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: رسم> قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت... متن_ح> رسم> إلى آخره كما هو معروف. أي: اعترف بأنك ظلمت نفسك. وظلم النفس لا يخرج الإنسان من الإيمان، فإن أبا بكر اسم> -رضي الله عنه- أقوى الصحابة أو من أقواهم إيمانا، ومع ذلك يعترف بأنه ظلم نفسه.
وكذلك ما ذكر الله عن يونس اسم> صاحب الحوت، اعترف وهو في بطن الحوت بقوله: رسم> أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ قرآن> رسم> .
ومعلوم أن ظلمه لم يخرجه عن الكفر ولا عن الشرك، وإنما هرب لما غاضبه قومه ولم يؤمنوا، فاعترف بأنه من الظالمين ولم يكن ظلما يخرجه من الملة.
ولما نزلت هذه الآية رسم> الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قرآن> رسم> خاف الصحابة أن المراد ظلم النفس، أو ظلم بعضهم لبعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، أن هذا يصيرهم غير مهتدين ولا آمنين، فبين لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الآية يراد بها الظلم الأكبر، الظلم الأكبر الذي هو الشرك بالله؛ لأنهم قالوا: هذه الآية نص في أنه لا يكون مهتديا آمنا إلا من ليس بظالم رسم> الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا قرآن> رسم> أي: لم يخلطوا رسم> إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قرآن> رسم> يعني: بنوع من الظلم. ظنوا أنه يدخل في ذلك ظلم الإنسان نفسه بنقصه في حقها أو ظلمه لأخيه أو ظلمه لغيره، فالله تعالى لا يظلمهم.
وقد قال الله تعالى: رسم> وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا قرآن> رسم> سماهم مؤمنين مع كونهم يتقاتلون، وبكل حال فإن الظلم يتفاوت: ظلم دون ظلم؛ ظلم يخرج من الملة وهو الشرك أو الكفر رسم> وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قرآن> رسم> وظلم لا يخرج من الملة، ولكنه بلا شك ينقص الدين وينقص الإسلام، فكما أن الطاعات تزيد في الإيمان وتقويه، فكذلك المعاصي ولو كانت من الصغائر تنقص الإسلام وتضعفه، فلا يكون الإنسان كامل الإيمان إلا إذا كان مكملا لجميع خصال الخير وشعب الإيمان.
مسألة>